يقول أليكس ماكدونالد إن طائرة “غامضة” تقل 153 فلسطينيًا إلى وصلت جوهانسبرج، وسط تساؤلات عن الجهة التي رتّبت الرحلة وكيف خرج هؤلاء من غزة تحت ظروف الحرب.
وأضاف ماكدونالد في تقرير نشره موقع ميدل إيست آي، أن الحدث أثار دهشة السلطات الجنوب أفريقية بعدما وصلت رحلة قادمة من نيروبي تقل رجالًا ونساءً وأطفالًا لا يحملون أي ختم خروج من إسرائيل. وُضع الركاب داخل الطائرة أكثر من 12 ساعة بسبب هذا الغموض، بينما أكّد الرئيس سيريل رامافوزا أن حكومته ستكشف ملابسات الرحلة التي وصفها بـ"المريبة". ورغم تأكيده استقبال الفلسطينيين بدافع “الرحمة”، شدّد على ضرورة التحقيق لمعرفة كيف “جُرى إخراجهم” من غزة بهذه الطريقة.
طائرة بلا آثار.. ورحلة غامضة
أثار غياب ختم الخروج شكوكًا واسعة. وبعد ساعات من التعطيل، أجازت وزارة الشؤون الداخلية دخول الركاب إلى البلاد بعد تلقيها ضمانات من منظمة “جفت أوف ذا غيفرز” بأنهم سيحصلون على الرعاية اللازمة.
أوضحت السلطات أن الفلسطينيين خرجوا من غزة عبر ترتيبات لم تُكشف بالكامل، بينما أشارت شهادات أولية إلى احتمال تورط جهات ذات صلة بالجيش الإسرائيلي.
نقلت قناة الجزيرة أن الرحلة رتبتها جهة مثيرة للجدل تعمل بتنسيق مباشر مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. وصرّح مسؤول عسكري لوكالة أسوشييتد برس بأن منظمة تُدعى “المجد” رتّبت مسار السفر، وأنها نشرت إعلانًا يعد الفلسطينيين بـ“ممر آمن” للخروج من القطاع.
لكنّ الصورة ازدادت غموضًا بعد اكتشاف تحذيرات على موقع المنظمة الأوروبي تُنبّه لوجود أشخاص ينتحلون صفتها ويطالبون ضحاياها بتحويلات مالية أو عملات رقمية. وأشارت المراسلة نور عودة إلى أن هذه الجهة “مليئة بالستائر الدخانية”، ولا يوجد مكتب لها في العنوان الذي تعلن عنه في أوروبا، مؤكدة أن أي خروج من غزة يحتاج تنسيقًا مباشرًا مع الجيش الإسرائيلي، وأن الدور الإسرائيلي ثابت وإن ظلّ حجمه غير واضح.
استغلال المأساة.. اتهامات بالخداع
أثار المشهد غضب الجالية الفلسطينية في جنوب أفريقيا. وصرّحت السفارة الفلسطينية بأن الرحلة “نظمها كيان غير قانوني استغل الظروف الإنسانية القاسية، وخدع العائلات، وجمع أموالًا منهم، وسهّل خروجهم بطريقة غير مسؤولة وغير نظامية”
وكشف مؤسس “جفت أوف ذا جيفرز” أنه لا يعرف الجهة التي استأجرت الطائرة الأخيرة، مؤكّدًا أن رحلة سابقة وصلت يوم 28 أكتوبر وكانت تقل 176 فلسطينيًا. هذا التتابع في الرحلات زاد الشكوك حول وجود شبكة تنشط في الظلّ، وتستخدم فوضى الحرب لفتح مسارات خروج غير مراقبة ولا تخضع لأي مساءلة.
ويخشى الفلسطينيون منذ بداية حرب غزة عام 2023 أن تدفع تل أبيب نحو مخطط تهجير واسع. وتداولت تقارير عديدة تصريحات لمسؤولين إسرائيليين تتحدث عن نقل السكان خارج القطاع، بينما حذّرت الأمم المتحدة مبكرًا من أن الطابع العام للهجمات يشير إلى نية إفراغ غزة من سكانها.
في هذا السياق، بدا ظهور الطائرة في جوهانسبرج وكأنه حلقة إضافية في سلسلة تحركات تُغذّي مخاوف التهجير القسري.
تساؤلات كبرى بلا إجابات محددة
يستعد الرئيس رامافوزا لفتح تحقيق شامل حول كيفية خروج الركاب من غزة، والجهة التي تولّت تنسيق الرحلة، ولماذا وصلت الطائرة إلى جنوب أفريقيا تحديدًا عبر نيروبي.
ووسط غياب المعلومات الدقيقة، تتزايد الأسئلة حول وجود شبكات وسطاء تستغل ضعف المدنيين وحاجتهم للهروب من الحرب، وتقدّم لهم ممرات “مدفوعة الثمن” تحت غطاء العمل الإنساني.
كما يؤكد المراقبون أن اعتراف أي طرف إسرائيلي أو دولي بمسار الرحلة قد يكشف صورة أوسع تتجاوز مجرد “طائرة مجهولة”، وتدخل في إطار سياسات تهدف لإعادة تشكيل المشهد الديموغرافي في غزة.
في المقابل، يظهر الجانب الإنساني بوضوح في استقبال جنوب أفريقيا للفلسطينيين رغم الضغوط، إذ تحاول الحكومة تحقيق توازن بين التضامن الأخلاقي والالتزام بالتحقيق القانوني. وتكشف هذه الواقعة حجم التعقيدات التي تحيط بخروج المدنيين من القطاع، وحجم الفراغ القانوني الذي يسمح بتسلل جهات غير موثوقة لملء المشهد.
يعكس وصول الطائرة إلى جوهانسبرج مدى فوضى الحرب في غزة، وكيف تُستخدم الثغرات في أنظمة السفر والعبور لإخراج المدنيين بطرق غير واضحة. وبينما تنتظر جنوب أفريقيا نتائج التحقيق، يزداد القلق من أن تكون هذه الرحلات جزءًا من مسار أوسع يستهدف إفراغ غزة من سكانها.
وتبقى القصة معلّقة بين شقين: معاناة المدنيين الباحثين عن النجاة، وأسئلة سياسية كبرى تطارد كل رحلة تقل فلسطينيين خارج حدود القطاع.
https://www.middleeasteye.net/news/south-africa-accepts-plan-palestinians-flushed-out-gaza

